وقوله :﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ﴾ [ النور : ١٥ ]، فهذا بيان لسبب العذاب، وهو تلقي الباطل بالألسنة والقول بالأفواه، وهما نوعان محرمان : القول بالباطل، والقول بلا علم. ثم قال سبحانه :﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [ النور : ١٦ ]. فالأول تحضيض على الظن الحسن، وهذا نهي لهم عن التكلم بالقذف. ففي الأول قوله :﴿ اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [ الحجرات : ١٢ ]، ويقول النبي صلي الله عليه وسلم :( إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث )، وكذا قوله :﴿ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا ﴾ [ النور : ١٢ ]، دليل على حسن مثل هذا الظن الذي أمر الله به، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لعائشة :( ما أظن فلانا وفلانا يدريان من أمرنا هذا شيئًا ). فهذا يقتضي جواز بعض الظن كما احتج البخاري بذلك، لكن مع العلم بما عليه المرء المسلم من الإيمان الوازع له عن فعل الفاحشة، يجب أن يظن به الخير دون الشر.


الصفحة التالية
Icon