وفي الآية نهي عن تلقي مثل هذا باللسان، ونهي عن أن يقول الإنسان ما ليس له به علم لقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [ الإسراء : ٣٦ ]، والله ـ تعالى ـ جعل في فعل الفاحشة والقذف من العقوبة ما لم يجعله في شيء من المعاصي؛ لأنه جعل فيها الرجم، وقد رجم هو ـ تعالى ـ قوم /لوط إذ كانوا هم أول من فعل فاحشة اللواط، وجعل العقوبة على القذف بها ثمانين جلدة، والرمي بغيرها فيه الاجتهاد، ويجوز عند بعض العلماء أن يبلغ الثمانين عند كثير منهم، كما قال على : لا أوتي بأحد يفَضِّلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري. وكما قال عبد الرحمن بن عوف : إذا شرب هذي، وإذا هذي افتري، وحد الشرب ثمانون، وحد المفتري ثمانون.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ الآية [ النور : ١٩ ]. وهذا ذم لمن يحب ذلك، وذلك يكون بالقلب فقط ويكون مع ذلك باللسان والجوارح، وهو ذم لمن يتكلم بالفاحشة أو يخبر بها محبة لوقوعها في المؤمنين؛ إما حسدًا أو بغضًا، وإما محبة للفاحشة وإرادة لها، وكلاهما محبة للفاحشة وبغضًا للذين آمنوا، فكل من أحب فعلها ذكرها.


الصفحة التالية
Icon