وكره العلماء الغزل من الشعر الذي يرغب فيها، وكذلك ذكرها غيبة محرمة سواء كان بنظم أو نثر، وكذلك التشبه بمن يفعلها منهي عنه؛ مثل الأمر بها، فإن الفعل يطلب بالأمر تارة، وبالإخبار تارة، فهذان الأمران لفجرة الزناة اللوطية؛ مثل ذكر قصص الأنبياء والصالحين للمؤمنين، أولئك يعتبرون من الغيرة بهم، وهؤلاء يعتبرون من الاغترار، فإن أهل الكفر والفسوق والعصيان يذكرون من قصص / أشباههم ما يكون به لهم فيهم قدوة وأسوة، ومن ذلك قوله تعالى :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ﴾ [ لقمان : ٦ ]، قيل : أراد الغناء، وقيل : أراد قصص الملوك من الكفار من الفرس.
وبالجملة، كل ما رَغَّبَ النفوس في طاعة الله ونهاها عن معصيته من خبر أو أمر فهو من طاعته، وكل ما رَغَّبَها في معصيته ونهي عن طاعته فهو من معصيته، فأما ذكر الفاحشة وأهلها بما يجب أو يستحب في الشريعة؛ مثل النهي عنها وعنهم. والذم لها ولهم، وذكر ما يبغضها وينفر عنها، وذكر أهلها مطلقًا حيث يسوغ ذلك، وما يشرع لهم من الذم في وجوههم ومغيبهم؛ فهذا كله حسن يجب تارة، ويستحب أخري، وكذلك ما يدخل فيها من وصفها ووصف أهلها من العشق على الوجه المشروع الذي يوجب الانتهاء عما نهي الله عنه، والبغض لما يبغضه.
وهذا كما أن الله قص علينا في القرآن قصص الأنبياء والمؤمنين والمتقين، وقصص الفجار والكفار؛ لنعتبر بالأمرين؛ فنحب الأولين وسبيلهم ونقتدي بهم، ونبغض الآخرين وسبيلهم ونجتنب فعالهم.


الصفحة التالية
Icon