فقد فسروا ( الطائر ) بالأعمال وجزائها؛ لأنهم كانوا يقولون : إنما أصابنا ما أصابنا من المصائب بذنوب الرسل وأتباعهم.
فبين الله ـ سبحانه ـ أن طائرهم ـ وهو الأعمال وجزاؤها ـ هو عند اللّه وهو معهم. فهو معهم لأن أعمالهم وما قدر من جزائها معهم، كما قال تعالى :﴿ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ ﴾ [ الإسراء : ١٣ ]، وهو من اللّه؛ لأن اللّه ـ تعالى ـ قدر تلك المصائب بأعمالهم. فمن عنده تتنزل عليهم المصائب، جزاء على أعمالهم لا بسبب الرسل وأتباعهم.
وفى هذا يقال : إنهم يجزون بأعمالهم، لا بأعمال غيرهم؛ ولذلك قال فى هذه الآية ـ لما كان المنافقون والكفار ومن في قلبه مرض يقول : هذا الذى أصابنا هو بسبب ما جاء به محمد، عقوبة دينية وصل إلينا ـ بين سبحانه أن ما أصابهم من المصائب إنما هو بذنوبهم.
ففى هذا رد على من أعرض عن طاعة الرسول ﷺ لئلا تصيبه تلك المصائب، وعلى من انتسب إلى الإيمان بالرسول، ونسبها إلى فعل ما جاء به الرسول، وعلى من أصابته مع كفره بالرسول ونسبها إلى ما جاء به الرسول.

فصل


والمقصود أن ما جاء به الرسول ﷺ ليس سبباً لشىء من المصائب، ولا تكون طاعة اللّه ورسوله قط سبباً لمصيبة، بل طاعة الله والرسول لا تقتضى إلا جزاء أصحابها بخيرى الدنيا والآخرة، ولكن قد تصيب المؤمنين بالله ورسوله مصائب بسبب ذنوبهم، لا بما أطاعوا فيه الله والرسول، كما لحقهم يوم أحُد بسبب ذنوبهم، لا بسبب طاعتهم الله ورسوله ﷺ.


الصفحة التالية
Icon