وكذلك ما ابتلوا به فى السراء والضراء والزلزال، ليس هو بسبب نفس إيمانهم وطاعتهم، لكن امتحنوا به، ليتخلصوا مما فيهم من الشر وفتنوا به كما يفتن الذهب بالنار؛ ليتميز طيبه من خبيثه، والنفوس فيها شر، والامتحان يمحص المؤمن من ذلك الشر الذى فى نفسه، قال تعالى :﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾ [ آل عمران : ١٤٠، ١٤١ ]، وقال تعالى :﴿ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٥٤ ]، ولهذا قال صالح ـ عليه السلام ـ لقومه :﴿ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ﴾ [ النمل : ٤٧ ].
ولهذا كانت المصائب تكفر سيئات المؤمنين وبالصبر عليها ترتفع درجاتهم، وما أصابهم فى الجهاد من مصائب بأيدى العدو، فإنه يعظم أجرهم بالصبر عليها.
وفى الصحيح عن النبى ﷺ قال :( ما من غازية يغزون فى سبيل الله، فيسلمون ويغنمون إلا تعجلوا ثلثى أجرهم، وإن أصيبوا وأخفقوا تم لهم أجرهم ).
وأما ما يلحقهم من الجوع والعطش والتعب، فذاك يكتب لهم به عمل صالح، كما قال تعالى :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [ التوبة : ١٢٠ ].
وشواهد هذا كثيرة.