والمقصود أن قوله :﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ ﴾ [ النساء : ٧٨ ] فإنهم جعلوا ما يصيبهم من المصائب بسبب ما جاءهم به الرسول، وكانوا يقولون : النعمة التى تصيبنا هى من عند الله، والمصيبة من عند محمد، أى : بسبب دينه وما أمر به، فقال تعالى : قل هذا وهذا من عند الله، لا من عند محمد، محمد لا يأتى لا بنعمة ولا بمصيبة؛ ولهذا قال بعد هذا :﴿ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [ النساء : ٧٨ ] قال السدى وغيره : هو القرآن؛ فإن القرآن إذا هم فقهوا ما فيه تبين لهم أنه إنما أمرهم بالخير، والعدل والصدق، والتوحيد. لم يأمرهم بما يكون سبباً للمصائب؛ فإنهم إذا فهموا ما فى القرآن علموا أنه لا يكون سبباً للشر مطلقاً.
وهذا مما يبين أن ما أمر الله به يعلم بالأمر به حسنه ونفعه، وأنه مصلحة للعباد، وليس كما يقول من يقول : قد يأمر الله العباد بما لا مصلحة لهم فيه إذا فعلوه، بل فيه مضرة لهم.
فإنه لو كان كذلك لكان قد يصدقه المتطيرون بالرسل وأتباعهم.


الصفحة التالية
Icon