فنفس خلق الله لهم أحياء، وجعله لهم السمع والأبصار والأفئدة، هو من نعمته. ونفس إرسال الرسول إليهم، وتبليغه البلاغ المبين الذي اهتدوا به، هو من نعمته.
وإلهامهم الإيمان، وهدايتهم إليه، وتخصيصهم بمزيد نعمة حصل لهم بها الإيمان دون الكافرين؛ هو من نعمته، كما قال تعالى :﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ﴾ [ الحجرات : ٧، ٨ ].
فجميع ما يتقلب فيه العالم من خيرى الدنيا والآخرة، هو نعمة محضة منه، بلا سبب سابق يوجب لهم حقاً، ولا حول ولا قوة لهم من أنفسهم إلا به، وهو خالق نفوسهم، وخالق أعمالها الصالحة وخالق الجزاء.
فقوله :﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ [ النساء : ٧٩ ] حق من كل وجه، ظاهراً وباطناً على مذهب أهل السنة.
وأما السيئة : فلا تكون إلا بذنب العبد، وذنبه من نفسه. وهو لم يقل : إنى لم أقدر ذلك ولم أخلقه، بل ذكر للناس ما ينفعهم.
فصل
فإذا تدبر العبد علم أن ما هو فيه من الحسنات من فضل الله، فشكر الله، فزاده الله من فضله عملا صالحاً، ونعماً يفيضها عليه.