والمقصود هنا أن الثواب والعقاب إنما يكون على عمل وجودي بفعل الحسنات، كعبادة اللّه وحده، وترك السيئات، كترك الشرك أمر وجودي، وفعل السيئات، مثل ترك التوحيد، وعبادة غير الله أمر وجودي، قال تعالى :﴿ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ القصص : ٨٤ ]، وقال تعالى :﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [ الإسراء : ٧ ]، وقال تعالى :﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ [ فصلت : ٤٦ ]، وقال تعالى :﴿ للِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ أٍوًلّئٌكّ أّصًحّابٍ بنَّارٌ هٍمً فٌيهّا خّالٌدٍونّ ﴾ [ يونس : ٢٦، ٢٧ ] وقال تعالى :﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون ﴾ [ الروم : ١٠ ].
فأما عدم الحسنات والسيئات فجزاؤه عدم الثواب والعقاب.
وإذا فرض رجل آمن بالرسول مجملا، وبقي مدة لا يفعل كثيراً من المحرمات، ولا سمع أنها محرمة، فلم يعتقد تحريمها، مثل من آمن ولم يعلم أن الله حرم الميتة والدم ولحم الخنزير، ولا علم أنه حرم نكاح الأقارب سوى أربعة أصناف، ولا حرم بالمصاهرة أربعة أصناف ـ حرم على كل من الزوجين أصول الآخر وفروعه ـ فإذا آمن ولم يفعل هذه المحرمات، ولا اعتقد تحريمها؛ لأنه لم يسمع ذلك، فهذا لا يثاب ولا يعاقب.