قال أبو العالية : سألت أصحاب محمد ﷺ عن هذه الآية :﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ ﴾ [ النساء : ١٧ ] فقالوا : كل من عصى اللّه فهو جاهل. ومن تاب قبيل الموت، فقد تاب من قريب.
وعن قتادة قال : أجمع أصحاب محمد رسول اللّه ﷺ على أن كل من عصى ربه فهو فى جهالة، عمداً كان أو لم يكن، وكل من عصى اللّه فهو جاهل. وكذلك قال التابعون ومن بعدهم.
قال مجاهد : من عمل ذنباً ـ من شيخ أو شاب ـ فهو بجهالة. وقال : من عصى ربه فهو جاهل، حتى ينزع عن معصيته. وقال ـ أيضاً ـ : هو إعطاء الجهالة العمد. وقال مجاهد ـ أيضاً ـ : من عمل سوءاً خطأ، أو إثماً عمداً، فهو جاهل، حتى ينزع منه. رواهن ابن أبي حاتم. ثم قال : وروى عن قتادة، وعمرو بن مُرَّة، والثوري، ونحو ذلك : خطأ، أو عمداً.
وروى عن مجاهد والضحاك قالا : ليس من جهالته ألا يعلم حلالا ولا حراما، ولكن من جهالته : حين دخل فيه. وقال عكرمة : الدنيا كلها جهالة.
وعن الحسن البصري : أنه سئل عنها، فقال : هم قوم لم يعلموا ما لهم مما عليهم. قيل له : أرأيت لو كانوا قد علموا ؟ قال : فليخرجوا منها، فإنها جهالة.
قلت : ومما يبين ذلك قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [ فاطر : ٢٨ ]، وكل من خشيه، وأطاعه، وترك معصيته، فهو عالم، كما قال تعالى :﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [ الزمر : ٩ ].
وقال رجل للشعبى : أيها العالم. فقال : إنما العالم من يخشى اللّه.


الصفحة التالية
Icon