وقد أخبر الله ـ تعالى ـ في كتابه : أنه يبتلي عباده بالحسنات والسيئات؛ فالحسنات هي النعم، والسيئات هي المصائب؛ ليكون العبد صَبَّارًا شكورًا. وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال :( والذي نفسي بيده ! لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له ).
وقال ـ أيضًا :
فصل
قال الله تعالى :﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [ الطلاق : ٢، ٣ ] قد روي عن أبي ذر عن النبي ﷺ أنه قال :( لو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم )، وقوله :﴿ مَخْرَجًا ﴾ عن بعض السلف : أي من كل ما ضاق علي الناس، وهذه الآية مطابقة لقوله :﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [ الفاتحة : ٥ ] الجامعة لعلم الكتب الإلهية كلها؛ وذلك أن التقوي هي العبادة المأمور بها، فإن تقوي الله وعبادته وطاعته أسماء متقاربة متكافئة متلازمة، والتوكل عليه هو الاستعانة به، فمن يتقي الله مثال :﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾، ومن يتوكل علي الله مثال :﴿ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، كما قال :﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [ هود : ١٢٣ ]، وقال :﴿ عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا ﴾ [ الممتحنة : ٤ ]، وقال :﴿ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [ الشوري : ١٠ ].