سُورَة الأعلى
وقال الشيخ ـ رحمه الله :
فصل
قال ابن فُورَك ـ في كتابه الذي كتبه إلى أبي إسحاق الإسفرائيني يحكي ما جرى له ـ قال : وجرى في كلام السلطان : أليس تقول إنه يري لا في جهة ؟ فقلت :( نعم، يرى لا في جهة، كما أنه لم يزل يرى نفسه لا في جهة، ولا من جهة، ويراه غيره على ما يرى ورأى نفسه. والجهة ليست بشرط في الرؤية ). وقلت ـ أيضًا :( المرئيات المعقولة فيما بيننا هكذا نراها في جهة ومحل. والقضاء بمجرد المعهود لا يمكن دون السير والبحث؛ لأنا كما لا نري إلا في جهة ومحل، كذلك لم نر إلا متلونًا ذا قدر وحجم يحتمل المساحة، والثقل، ولا يخلو من / حرارة ورطوبة أو يبوسة، إذا لم يكن عرضًا لا يقبل التثنية والتأليف وغير ذلك، ومع هذا فلا عبرة بشيء من هذا ).
قال : ثم بلغني أن السلطان ذلك اليوم والليلة وثاني يوم، يكرر على نفسه في مجلسه : كيف يعقل شيء لا في جهة ؟ وما شغل القلب في أول الأمر وتربي عليه فإن قلعه صعب، والله المعين. غير أنه فَرِحت الكرامية بما كان منه في ذلك. فلما رجعت إلى البيت فإذا أنا برقعة فيها مكتوب :[ الأستاذ ـ أدام الله سلامته ـ على مذهبه أن الباري ليس في جهة، فكيف يري لا في جهة ؟ ].