وأمر بالعدل على أعداء المسلمين، فقال :﴿ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [ المائدة : ٨ ].
فَصْل
وهو ـ سبحانه ـ وصف نفسه بالعلو، وهو من صفات المدح له بذلك والتعظيم؛ لأنه من صفات الكمال، كما مدح نفسه بأنه العظيم، والعليم، والقدير، والعزيز، والحليم، ونحو ذلك. وأنه الحي / القيوم، ونحو ذلك من معاني أسمائه الحسني، فلا يجوز أن يتصف بأضداد هذه.
فلا يجوز أن يوصف بضد الحياة والقيومية والعلم والقدرة، مثل الموت والنوم والجهل والعجز واللُّغُوب. ولا بضد العزة وهو الذل، ولا بضد الحكمة وهو السفه.
فكذلك، لا يوصف بضد العلو وهو السفول، ولا بضد العظيم وهو الحقير، بل هو ـ سبحانه ـ منزه عن هذه النقائص المنافية لصفات الكمال الثابتة له، فثبوت صفات الكمال له ينفي اتصافه بأضدادها، وهي النقائص.
وهو ـ سبحانه ـ ليس كمثله شيء فيما يوصف به من صفات الكمال.
فهو منزه عن النقص المضاد لكماله، ومنزه عن أن يكون له مثل في شيء من صفاته، ومعاني التنزيه ترجع إلى هذين الأصلين، وقد دل عليهما سورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن بقوله :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ [ الإخلاص : ١، ٢ ]، فاسمه [ الصمد ] : يجمع معاني صفات الكمال، كما قد بسط ذلك في تفسير هذه السورة وفي غير موضع، وهو كما في تفسير ابن أبي طلحة، عن ابن عباس؛ أنه المستوجب لصفات السؤدد، العليم / الذي قد كمل في علمه، الحكيم الذي قد كمل في حكمته، إلى غير ذلك مما قد بين.
وقوله :[ الأحد ] يقتضي أنه لا مثل له ولا نظير ﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾