وكذلك ما ورد من نزوله يوم القيامة في ظلل من الغمام، ومن نزوله / إلى الأرض لما خلقها، ومن نزوله لتكليم موسي، وغير ذلك، كله من باب واحد، كقوله تعالى :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ ﴾ [ البقرة : ٢١٠ ]، وقوله :﴿ وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [ الفجر : ٢٢ ]، وقوله :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ﴾ [ الأنعام : ١٥٨ ]. والنفاة المعطلة ينفون المجيء والإتيان بالكلية، ويقولون : ما ثَمَّ إلا ما يحدث في المخلوقات، والحلولية يقولون : إنه يأتي ويجيء بحيث يخلو منه مكان ويشغل آخر، فيخلو منه ما فوق العرش ويصير بعض المخلوقات فوقه. فإذا أتي وجاء لم يصر على قولهم العلى الأعلى، ولا كان هو العلى العظيم، لا سيما إذا قالوا : إنه يحويه بعض المخلوقات فتكون أكبر منه ـ سبحانه وتعالى عما يقول هؤلاء وهؤلاء علوًا عظيما.
وكذلك قوله :﴿ أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء ﴾ [ الملك : ١٦ ]، إن كان قد قال أحد : إنه في جوف السماء فهو شرٌ قولا من هؤلاء، ولكن هذا ما علمت به قائلًا معينًا منسوبا إلى علم حتي أحيكه قولا.
ومن قال : إنه في السماء فمراده أنه في العلو، ليس مراده أنه في جوف الأفلاك، إلا أن بعض الجهال يتوهم ذلك. وقد ظن طائفة أن هذا ظاهر اللفظ.
الظاهر ولا ريب أنه محمول على خلاف هذا الاتفاق؛ لكن هذا هو الذي يظهر لعامة المسلمين الذين يطلقون هذا القول ويسمعونه، أو هو مدلول اللفظ في اللغة، هو مما لا يسلم لهم، كما قد يبسط في مواضع.


الصفحة التالية
Icon