والنفاة للعلو ـ ونحوه من الصفات ـ معترفون بأنه ليس مستندهم خبر الأنبياء، لا الكتاب، ولا السنة، ولا أقوال السلف، ولا مستندهم فطرة العقل وضرورته، ولكن يقولون : معنا النظر العقلي. وأما أهل السنة المثبتون للعلو فيقولون : إن ذلك ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، مع فطرة اللّه التي فطر العباد عليها وضرورة العقل، ومع نظر العقل واستدلاله.
لكن، الذين يقولون بأنه ينزل ولا يبقي فوق العرش، وأنه يكون في جوف المخلوقات، ونحو هؤلاء، قد يقولون : إن مستندهم في ذلك السمع، وهو ما فهموه من القرآن، أو من الأحاديث الصحيحة أو غير الصحيحة، أو من أقوال السلف وهم أخطؤوا من حيث نظروا ـ اقتصروا على فهمه من نص واحد، كفهمهم من حديث النزول ـ ولم يتدبروا مافي الكتاب والسنة مما يصفه بالعلو والعظمة ونحو ذلك مما ينافي أن يكون شيء أعلى منه أو أكبر منه.
ويتدبروا ـ أيضًا ـ دلالة النص، مثل نزوله إلى سماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الآخر بأن الليل يختلف، فيكون ليل أهل المشرق ونصفه وثلثه الآخر قبل ذلك في المغرب بقريب من يوم، فيلزم على قولهم أنه لا يزال تحت العرش، وهو قد أخبر أنه استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض. وما ذكروه ينافي استواءه على العرش، وأنه ليس فوق العرش، كما قد بسط في مواضع.
فَصل
[ الأعلى ] : على وزن أفعل التفضيل، مثل الأكرم، والأكبر، والأجمل؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلملما قال أبو سفيان :/ اعل هبل ! اعل هبل ! فقال النبي ﷺ :( ألا تجيبونه ؟ ) قالوا : وما نقول ؟ قال :( قولوا : اللّه أعلى وأجل ! ). وهو مذكور بأداة التعريف [ الأعلى ] مثل :﴿ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [ العلق : ٣ ]، بخلاف ما إذا قيل :( اللّه أكبر ) فإنه منكر.


الصفحة التالية
Icon