وقول مجاهد في قوله :﴿ قَدَّرَ فَهَدَى ﴾ هدى الإنسان للسعادة والشقاوة، يبين أن هذا عنده مما دخل في قوله :﴿ قَدَّرَ فَهَدَى ﴾، / أي : هدى السعداء إلى السعادة التي قدرها، وهدى الأشقياء إلى الشقاء الذي قدره.
وهكذا قال مجاهد في قوله :﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ﴾ [ الإنسان : ٣ ]، قال : السعادة والشقاوة.
وقال عكرمة : سبيل الهدى. رواهما عبد بن حميد.
وكذلك روى ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [ البلد : ١٠ ]، قال : الشقاوة والسعادة.
وقد قال هو وجماهير السلف :﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾، أي : الخير والشر. رواه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود. ثم قال : وروى عن على بن أبي طالب، وابن عباس في إحدى... وشقيق بن سلمة، وأبي صالح، ومجاهد، والحسن، ومحمد بن كعب، وعكرمة، وشُرَحْبيل بن سعيد، وابن سِنَان الرازى، والضحاك، وعَطَاء الخُرَاسَانى، وعمرو ابن قيس الملاُئى، نحو ذلك.
وروى عن محمد بن كعب القُرَظى قال : الحق والباطل.
وهذا كلام مجمل فيه ما هو متفق عليه، وهو أنه يبين للناس ما أرسله من الرسل، ونصبه من الدلائل والآيات، وأعطاهم من العقول ـ طريق الخير والشر ـ كما في قوله :﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ﴾ [ فصلت : ١٧ ].
وأما إدخال الهدى الذي هو الإلهام في ذلك، بمعنى أنه هدى المؤمن إلى أن يؤمن ويعمل صالحًا إلى أن يسعد بذلك، وهدى الكافر إلى ما يعمله إلى أن يشقى بذلك، فهذا منهم من يدخله في الآية، كمجاهد وغيره ويدخله في قوله :﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ﴾ [ الإنسان : ٣ ]. وعكرمة وغيره يخرجون ذلك عن معنى هذه الآية وإن كانوا مقرين بالقدر.
ومن قال :( هَدَى )، بمعنى بَيَّن فقط، فقد هدى كل عبد إلى نُجُد الخير والشر جميعًا، أي بَيَّن له طريق الخير والشر.


الصفحة التالية
Icon