ومن أدخل في ذلك السعادة والشقاوة يقول : في هذا تقسيم، أى : هذه الهداية عامة مشتركة، وخص المؤمن بهداية إلى نَجْد الخير، وخص الكافر بهداية إلى نَجْد الشر.
ومن لم يدخل ذلك في الآية قد يحتجون بحديث من مراسيل الحسن قال : ذُكِر لنا أن رسول الله ﷺ كان يقول :( يأيها الناس، إنما هما النّجْدان؛ نجد الخير، ونجد الشر. فما يجعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير ؟ ).
ويحتجون بأن إلهام الفاجر طريق الفجور لم يسمه هدىً، بل سماه ضلالا، والله امتن بأنه هُدًى.
وقد يجيب الآخر بأن يقول : هو لا يدخل في الهدى المطلق، لكن يدخل في الهدى المقيد، كقوله :﴿ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴾ [ الصافات : ٢٣ ]، وكما في لفظ البشارة، قال :﴿ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ آل عمران : ٢١ ]، ولفظ الإيمان فقال :﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ﴾ [ النساء : ٥١ ].
وهذان القولان في قوله :﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [ الشمس : ٨ ] قيل : هو البيان العام، وقيل : بل ألهم الفاجر الفجور والتقى التقوى.
وهذا في تلك الآية أظهر، لأن الإلهام استعماله مشهور في إلهام القلوب، لا في التبين الظاهر الذي تقوم به الحجة.
وقد علم النبي ﷺ حصينًا الخُزَاعى [ هو حصين بن عبيد، والد عمران بن حصين الخزاعى، روى عنه ابنه عمران بن حصين حديثًا مرفوعًا في إسلامه، وفي الدعاء ] لما أسلم أن يقول :( اللهم، ألهمني رشدي، وقني شر نفسي ). ولو كان الإلهام بمعنى البيان الظاهرلكان هذا حاصلا للمسلم والكافر.
قال ابن عطية : و ﴿ سوّى ﴾ معناه عدل وأتقن حتى صارت الأمور مستوية، دالة على قدرته ووحدانيته.
وقرأ جمهور القراء ﴿ قدَّر ﴾ بتشديد الدال، فيحتمل أن يكون / من القَدَر والقضاء، ويحتمل أن يكون من التقدير والموازنة بين الأشياء.