قلت : هما متلازمان؛ لأن التقدير الأول يسمى تقديرًا؛ لأن ما يجرى بعد ذلك يجرى على قدره، فهو موازن له ومعادل له.
قال : وقرأ الكِسَائي وحده بتخفيف الدال، فيحتمل أن يكون بمعنى القدرة. ويحتمل أن يكون من التقدير والموازنة.
قلت : وهذا قول الأكثرين؛ أنهما بمعنى واحد.
قال ابن عطية : وقوله ﴿ فهدى ﴾، عام لوجوه الهدايات في الإنسان والحيوان. وقد خصص بعض المفسرين أشياء من الهدايات، فقال الفرَّاء : معناه هدى وأضل، واكتفي بالواحد لدلالتها على الأخرى. قال، وقال مقاتل، والكلبي : هدى إلى وطء الذكور للإناث. وقيل : هدى المولود عند وضعه إلى مَصِّ الثدي. وقال مجاهد : هدى الناس للخير والشر، والبهائم للمراتع.
قال ابن عطية : وهذه الأقوال مثالات، والعموم في الآية أصوب في كل تقدير وفي كلهداية.
وقد ذكر أبو الفَرَجِ بن الجوزي هذه الأقوال وغيرها، فذكر / سبعة أقوال : قَدَّر السعادة والشقاوة، وهدى للرشد والضلالة، قاله مجاهد. وقيل : جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها إليه، قاله عطاء. وقيل : قدر مدة الجنين في الرحم ثم هداه للخروج، قاله السدى. وقيل : قدرهم ذكرانًا وإناثًا، وهدى الذكور لإتيان الإناث، قاله مقاتل وقيل : قدر فهدى وأضل، فحذف [ وأضل ] ؛ لأن في الكلام ما يدل عليه، حكاه الزَّجْاج. وقيل : قدر الأرزاق وهدى إلى طلبها؛ وقيل، قدر الذنوب فهدى إلى التوبة، حكاهما الثعلبي.
قلت : القول الذي حكاه الزجاج هو قول الفَرَّاء، وهو من جنس قوله : إن نفعت وإن لم تنفع، ومن جنس قوله : سرابيل تقيكم الحر والبرد. وقد تقدم ضعف مثل هذا؛ ولهذا لم يقله أحد من المفسرين.
والأقوال الصحيحة هي من باب المثالات، كما قال ابن عطية.


الصفحة التالية
Icon