وهكذا كثير من تفسير السلف؛ يذكرون من النوع مثالا لينبهوا به على غيره، أو لحاجة المستمع إلى معرفته، أو لكونه هو الذي يعرفه، كما يذكرون مثل ذلك في مواضع كثيرة، كقوله :﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ [ الفتح : ١٦ ]، وقوله :﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ ﴾ [ الجمعة : ٣ ]، وقوله :﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [ المائدة : ٥٤ ]، وقوله :﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ﴾ [ فاطر : ٣٢ ].
وكذلك تفسير :﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾ [ الفجر : ٣ ]، و ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [ البروج : ٣ ]، وغير ذلك. وقوله :﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [ الذاريات : ٢١ ]، وأمثال ذلك كثير من تفسيرهم هو من باب المثال.
ومن ذلك قولهم : إن هذه الآية نزلت في فلان وفلان، فبهذا يمثل بمن نزلت فيه ـ نزلت فيه أولًا وكان سبب نزولها ـ لا يريدون به أنها آية مختصة به، كآية اللعان، وآية القذف، وآية المحاربة، ونحو ذلك. لا يقول مسلم إنها مختصة بمن كان نزولها بسببه.
واللفظ العام وإن قال طائفة : إنه يقصر على سببه فمرادهم على النوع الذي هو سببه ـ لم يريدوا بذلك أنه يقتصر على شخص واحد من ذلك النوع.
فلا يقول مسلم : إن آية الظهار لم يدخل فيها إلا أوس بن الصامت، وآية اللعان لم يدخل فيها إلا عاصم بن عدى، أو هلال بن أمية : وأن ذم الكفار لم يدخل فيه إلا كفار قريش؛ ونحو ذلك، مما لا يقوله مسلم ولا عاقل.