وهذا هو الهدى المذكور في قوله :﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ﴾ [ فصلت : ١٧ ]، فالهدى هنا هو البيان والدلالة والإرشاد العام المشترك. وهو كالإنذار العام والتذكير العام. وهنا قد هدى المتقين وغيرهم، كما قال :﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ [ الرعد : ٧ ].
وأما قوله :﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ [ الفاتحة : ٦ ]، فالمطلوب الهدى الخاص / التام الذي يحصل معه الاهتداء، كقوله :﴿ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [ البقرة : ٢ ]، وقوله :﴿ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ ﴾ [ الأعراف : ٣٠ ]، وقوله :﴿ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ ﴾ [ النحل : ٣٧ ]، وقوله :﴿ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ ﴾ [ المائدة : ١٦ ]، وهذا كثير في القرآن.
وكذلك الإنذار، قد قال :﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ﴾ [ مريم : ٩٧ ]، وقال تعالى :﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ ﴾ [ يونس : ٢ ].
وقال في الخاص :﴿ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴾ [ النازعات : ٤٥ ]، ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ ﴾ [ يس : ١١ ] فهذا الإنذار الخاص، وهو التام النافع الذي انتفع به المنذر. والإنذار هو الإعلام بالمخوف، فَعَلِمَ المخوِّف فخاف، فآمن وأطاع.