وكذلك التذكير عام وخاص. فالعام : هو تبليغ الرسالة إلى كل أحد، وهذا يحصل بإبلاغهم ما أرسل به من الرسالة. قال تعالى :﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [ ص : ٨٦، ٨٧ ]، وقال تعالى :﴿ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾ [ المدثر : ٣١ ]، وقال تعالى :﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [ التكوير : ٢٧ ]. ثم قال :﴿ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴾ [ التكوير : ٢٨ ]، فذكر العام والخاص.
والتذكر هو الذكر التام الذي يذكره المذكَّر به وينتفع به.
وغير هؤلاء قال تعالى فيهم :﴿ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ [ الأنبياء : ٢، ٣ ]، وقال تعالى :﴿ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ﴾ [ الشعراء : ٥ ]، فقد أتاهم وقامت به الحجة، ولكن لم يصغوا إليه بقلوبهم فلم يفهموه، أو فهموه فلم يعملوا به، كما قال :﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ [ الأنفال : ٢٣ ].
والخاص هو التام النافع، وهو الذي حصل معه تذكر لمدكر، فإن هذا ذكرى كما قال :﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴾ [ الأعلى : ٩ - ١١ ]، أي يجنب الذكرى، وهو إنما جنب الذكرى الخاصة.