ولما عابهم بعبادة من لا يغنى شيئًا فلا ينفع ولا يضر قال :﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [ الشعراء : ٧٨ - ٨٢ ].
فإن الإنسان يحتاج إلى جلب المنفعة لقلبه وجسمه، ودفع المضرة عن ذلك. وهو أمر الدين والدنيا.
فمنفعة الدين الهدى، ومضرته الذنوب، ودفع المضرة المغفرة؛ ولهذا جمع بين التوحيد والاستغفار في مواضع متعددة.
ومنفعة الجسد الطعام والشراب، ومضرته المرض، ودفع المضرة الشفاء.
وأخبر أن ربه يحيى ويميت، وأنه فطر السموات والأرض، وإحياؤه فوق كماله بأنه حى.
وأنه فطر السموات والأرض، يقتضي إمساكها وقيامها الذي هو فوق كماله بأنه قائم بنفسه، حيث قال عن النجوم :﴿ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ﴾ [ الأنعام : ٧٦ ].
فإن الآفل هو الذي يغيب تارة ويظهر تارة، فليس هو قائمًا على / عبده في كل وقت. والذين يعبدون ما سوى اللّه من الكواكب ونحوها ويتخذونها أوثانًا يكونون في وقت البزوغ طالبين سائلين، وفي وقت الأفول لا يحصل مقصودهم ولا مرادهم، فلا يجتلبون منفعة ولا يدفعون مضرة، ولا ينتفعون إذ ذاك بعبادة.
فَبَيَّن ما في الآلهة التي تعبد من دون اللّه من النقص، وبَيَّن ما لربه فاطر السموات والأرض من الكمال بأنه الخالق، الفاطر، العليم، السميع، البصير، الهادى، الرازق، المحيى، المميت.