وتلك هي الطريقة المشهورة التي يسلكها الجهمية، والمعتزلة، ومن اتبعهم من المتأخرين المنتسبين إلى المذاهب الأربعة وغيرهم من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعى، وأحمد، كما ذكرها القاضى، وابن عقيل، وغيرهما. وذكرها أبو المعالى الجوينى، وصاحب [ التتمة ]، وغيرهما. وذكرها أبو الوليد الباجى [ هو أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التُّجىبىُّ لمالكى الأندلسى الباجى، من علماء الأندلس، صنف كتبًا كثيرة منها ـ المنتقى ـ وهو أحد أئمة المسلمين، توفي بالمرية ليلة الخميس بين العشاءين ١٩ رجب سنة ٤٧٤هـ ودفن بالرِّباط على ضفة البحر ]، وأبو بكر بن العربي، وغيرهما. وذكرها أبو منصور الماتريدي، والصابونى [ هو أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل الصابوني الحافظ الواعظ المفسر، لقبه أهل السنة فيها ـ أى في بلاد خراسان ـ بشيخ الإسلام، ولد عام ٣٧٣، ومات في نيسابور عام ٤٤٩هـ، يجيد الفارسية إجادته العربية، له كتاب ـ عقيدة السلف ]. وغيرهما.
لكن هؤلاء الذين استدلوا بخلق الإنسان فرضوا ذلك في الإنسان ظنًا أن هذه طريقة القرآن. وطولوا في ذلك ودققوا حتى استدلوا على كون عين الإنسان وجواهره مخلوقة، لظنهم أن المعلوم بالحس وبديهة العقل إنما هو حدوث أعراض، لا حدوث جواهر. وزعموا أن كل ما يحدثه الله من السحاب، والمطر، والزرع، والثمر، والإنسان والحيوان، فإنما يحدث فيه أعراضًا، وهي جمع الجواهر التي كانت موجودة وتفريقها.
وزعموا أن أحدًا لا يعلم حدوث غيره من الأعيان بالمشاهدة، ولا بضرورة العقل، وإنما يعلم ذلك إذا استدل كما استدلوا. فقالوا : هذه أعراض حادثة في جواهر، وتلك الجواهر لم تخل من الأعراض لامتناع خلو الجواهر من الأعراض.
ثم قالوا : وما لم يخل من الحوادث فهو حادث.


الصفحة التالية
Icon