فالإيمان بالقدر من أصول الإيمان، كما ذكره النبي ﷺ في حديث جبريل، قال :( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، وبالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره ). وقد تبرأ ابن عمر ـ وغيره من الصحابة ـ من المكذبين بالقدر.
ومع هذا، فطائفة من أهل الكلام ـ وغيرهم ـ لا تثبت القدر إلا علمًا أزليًا وإرادة أزلية فقط. وإذا أثبتوا الكتابة قالوا : إنها كتابة لبعض ذاك.
وأما من يقول : إنه قدرها حينئذ، كما في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ أنه قال :( قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء )، فقد بُسِطَ الكلام على ذلك في غير هذا الموضع.
وهو كقوله :﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾ [ الأعراف : ١٦٧ ]، وقوله :﴿ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ ص : ٨٥ ]، وقوله :﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ﴾ [ طه : ١٢٩ ]، وقوله :﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [ الصافات : ١٧١ ـ ١٧٣ ]، وقوله :﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [ الأنفال : ٦٨ ].
والكتاب ـ في نفسه ـ لا يكون أزليًا. وفي حديث رواه حماد بن سلمة، عن الأشعث ابن عبد الرحمن الجرمي، عن أبي قِلابة، عن أبي الأشعث الصنعانى، عن شداد بن أوس؛ أن رسول الله ﷺ قال :( إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي سنة أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة )، رواه الترمذي، وقال : غريب.