وكذلك نعت أمته بقوله :﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [ آل عمران : ١١٠ ]، قال أبو هريرة : كنتم خير الناس للناس؛ تأتون بهم في السلاسل حتى تدخلوهم الجنة فيجاهدون، يبذلون أنفسهم وأموالهم لمنفعة الخلق وصلاحهم، وهم يكرهون ذلك لجهلهم، كما قال أحمد في خطبته :
الحمد لله الذي جعل ـ في كل زمان فَتْرَة من الرسل ـ بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون ـ بكتاب الله ـ الموتى، ويُبَصِّرون ـ بنور الله ـ أهل العمى. فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه ! فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم !. إلى آخر كلامه.
فهذا هذا، والحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. وهو ـ سبحانه ـ يجزي الناس بأعمالهم، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه / فهو ينعم على الرسول بإنعامه جزاء على إحسانهم، والجميع منه. فهو الرحمن الرحيم، الجواد الكريم، الحنان المنان، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، وله الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.
وهو ـ سبحانه ـ يحب معالى الأخلاق، ويكره سفسافها. وهو يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات. وقد قيل ـ أيضًا ـ : وقد يحب الشجاعة ولو على قتل الحيات، ويحب السماحة ولو بكف من تمرات.
والقرآن أخبر أنه يحب المحسنين، ويحب الصابرين. وهذا هو الكرم والشجاعة.
فَصْل
وقوله :﴿ الْأَكْرَمُ ﴾، يقتضي اتصافه بالكرم في نفسه، وأنه الأكرم وأنه محسن إلى عباده. فهو مستحق للحمد لمحاسنه وإحسانه.


الصفحة التالية
Icon