ولكن يقال :﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [ الأعلى : ١ ]، ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ﴾، ونحو ذلك. فإن اسم الله مبارك تنال معه البركة. والعبد يسبح اسم ربه الأعلى فيقول :( سبحان ربي الأعلى ). ولما نزل قوله :﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، قال :( اجعلوها في سجودكم )، فقالوا :( سبحان ربي الأعلى ).
فكذلك كان النبي ﷺ لا يقول :( سبحان اسم ربي الأعلى ). لكن قوله :( سبحان ربي الأعلى )، هو تسبيح لاسمه يراد به تسبيح المسمى، لا يراد به تسبيح مجرد الاسم، كقوله :﴿ قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ﴾ [ الإسراء : ١١٠ ]. فالداعى يقول :[ يا الله ]، [ يا رحمن ]، ومراده المسمى. وقوله :﴿ أَيًّا مَّا ﴾، أى الاسمين تدعوا، ودعاء الاسم هو دعاء مسماه.
وهذا هو الذي أراده من قال من أهل السنة : إن الاسم هو المسمى. أرادوا به أن الاسم إذا دعي وذكر يراد به المسمى. فإذا قال المصلى :[ الله أكبر ]، فقد ذكر اسم ربه، ومراده المسمى.
لم يريدوا به أن نفس اللفظ هو الذات الموجودة في الخارج. فإن فساد هذا لا يخفي على من تصوره، ولو كان كذلك كان من قال :[ نارًا ]، احترق لسانه. وبسط هذا له موضع آخر.
والمقصود أن الجلال والإكرام مثل الملك والحمد، كالمحبة والتعظيم، وهذا يكون في الصفات الثبوتية والسلبية. فإن كل سلب فهو متضمن / للثبوت. وأما السلب المحض فلا مدح فيه.
وهذا مما يظهر به فساد قول من جعل أحدهما للسلب والآخر للإثبات، لا سيما إذا كان من الجهمية الذين ينكرون محبته، ولا يثبتون له صفات توجب المحبة والحمد، بل إنما يثبتون ما يوجب القهر، كالقدرة. فهؤلاء آمنوا ببعض وكفروا ببعض، وألحدوا في أسمائه وآياته بقدر ما كذبوا به من الحق، كما بسط هذا في غير هذا الموضع.
فَصْل


الصفحة التالية
Icon