لكن منهم من يجعل الخلق غير المخلوق، ويجعل الخلق إما معني قام بالمخلوق، أو المعاني المتسلسلة، كما يقوله مُعَمَّر بن عباد، أو يجعل الخلق قائمًا لا في محل، كقول بعضهم : إنه قول :[ كن ] لا في محل. وقول البصريين : إنه إرادة لا في محل. وهذا فرار منهم عن قيام الحوادث به، مع أن منهم من يلتزم ذلك، كما التزمه أبو الحسين وغيره.
والجمهور المثبتون للصفات هم في الأفعال على قولين :
منهم من يقول : لا يقوم به فعل، وإنما الفعل هو المفعول. وهذا قول طائفة منهم الأشعري ومن وافقه من أصحابه وغير أصحابه، كابن عقيل وغيره، وهو أول قولي القاضي أبي يعلي.
وهؤلاء يقسمون الصفاتإلى ذاتية، ومعنوية، وفعلية. وهذا تقسيم لا حقيقة له. فإن الأفعال عندهم لا تقوم به فلا يتصف بها، لكن يخبر عنه بها.
وهذا التقسيم يناسب قول من قال : الصفات هي الأخبار التي / يخبر بها عنه، لا معاني تقوم به، كما تقول ذلك الجهمية والمعتزلة. فهؤلاء إذا قالوا : الصفات تنقسم إلى ذاتية وفعلية، أرادوا بذلك ما يخبر به عنه من الكلام تارة يكون خبرًا عن ذاته، وتارة عن المخلوقات ليس عندهم صفات تقوم به. فمن فسر الصفات بهذا أمكنه أن يجعلها ثلاثة أقسام؛ ذاتية ومعنوية وفعلية.
وأما من كان مراده بالصفات ما يقوم به؛ فهذا التقسيم لا يصلح على أصلهم، ولكن أخذوا التقسيم عن أولئك وهم مخالفون لهم في المراد بالصفات.
وهذا التقسيم موجود في كلام أبي الحسن ومن وافقه، كالقاضي أبي يعلى، وأبي المعالي، والباجي وغيرهم.
والقول الثاني : إنه تقوم به الأفعال. وهذا قول السلف وجمهور مثبتة الصفات.


الصفحة التالية
Icon