وطائفة يقولون : بل النصوص على ظاهرها اللائق به، كما في سائر ما وصف به في نفسه، وهو ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [ الشوري : ١١ ]، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. ويقولون : نزل نزولًا يليق بجلاله، وكذلك يأتي إتيانًا يليق بجلاله. وهو عندهم ينزل ويأتي ولم يزل عاليًا وهو فوق العرش، كما قال حماد بن زيد : هو فوق العرش يقرب من خلقه كيف شاء. وقال إسحاق بن راهويه : ينزل ولا يخلو منه العرش. ونقل ذلك عن أحمد بن حنبل في رسالته إلى مسدد.
وتفسير النزول بفعل يقوم بذاته هو قول علماء أهل الحديث، وهو الذي حكاه أبو عمر ابن عبد البر عنهم، وهو قول عامة القدماء من أصحاب أحمد، وقد صرح به ابن حامد وغيره.
والأول ـ نفي قيام الأمور الاختيارية ـ : هو قول التميمي موافقة منه لابن كلاب، وهو قول القاضي أبي يعلى وأتباعه.
وطائفتان يقولان : بل لا ينزل ولا يأتي، كما تقدم، ثم منهم من يتأول ذلك، ومنهم من يفوض معناه.
وطائفتان واقفتان، منهم من يقول : ما ندري ما أراد اللّه بهذا. ومنهم من لا يزيد على تلاوة القرآن.
وعامة المنتسبين إلى السنة وأتباع السلف، يبطلون تأويل من تأول ذلك بما ينفي أن يكون هو المستوي الآتي، لكنْ كثير منهم يرد التأويل الباطل ويقول : ما أعرف مراد اللّه بهذا.
ومنهم من يقول : هذا مما نهي عن تفسيره، أو مما يكتم تفسيره.
ومنهم من يقرره كما جاءت به الأحاديث الصحيحة والآثار الكثيرة عن السلف من الصحابة والتابعين.
قال أبو محمد البغوي الحسين بن مسعود الفرَّاء الملقب بـ [ محيي السنة ] في تفسيره :﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء ﴾ [ البقرة : ٢٩ ] : قال ابن عباس وأكثر مفسري السلف : أي ارتفع إلى السماء. وقال الفراء، وابن كيسان، / وجماعة من النحويين : أي أقبل على خلق السماء. وقيل : قصد.