وقد قال تعالى :﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [ المائدة : ١٤ ]، وقال عن اليهود :﴿ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [ المائدة : ٦٤ ]، وقال :﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ ﴾ [ الأعراف : ١٦٨ ].
وقد جاءت الأحاديث في السنن والمسند - من وجوه - عن النبي ﷺ أنه قال :( تفرقت اليهود على إحدي وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ). وإن كان بعض الناس - كابن حزم - يضعف هذه الأحاديث، فأكثر أهل العلم قبلوها وصدقوها.
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال :( ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم. فإذا نهىتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ).
وفي الصحيحين عنه أنه قال :( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم. فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، فهدانا الله له. الناس لنا فيه تبع - غدًا لليهود، وبعد غد للنصارى ).
وهذا معلوم بالتواتر أن أهل الكتاب اختلفوا وتفرقوا قبل إرسال محمد ﷺ. بل اليهود افترقوا قبل مجيء المسيح، ثم لما جاء المسيح اختلفوا فيه. ثم اختلف النصارى اختلافا آخر.
فكيف يقال : إن قوله :﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ [ البينة : ٤ ]، هو فيمن لم يؤمن بمحمد منهم ؟