وأيضًا، فالذين كفروا بمحمد كفار، وهم المذكورون في قوله :﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ [ البينة : ١ ]. وهم تفرقوا واختلفوا فيما جاءت به الأنبياء قبل محمد، وكفر من كفر منهم قبل إرسال محمد.
وكان منهم من لم يكفر، بل كان مؤمنًا بالأنبياء كما قال تعالى :﴿ وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٥٩ ]، ﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ ﴾ [ الأعراف : ١٦٨ ]، وقال تعالى :﴿ لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [ آل عمران : ١١٣، ١١٤ ]، وقال تعالى :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [ المائدة : ٦٦ ].
وفي صحيح مسلم وغيره عن عياض بن حِمَار عن النبي ﷺ أنه قال :( إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم - عربهم وعجمهم - إلا بقايا من أهل الكتاب. وإن ربي قال لي : قم في قريش فأنذرهم. فقلت : أي رب، إذًا يَثلَغُوا رأسي حتى يدعوه خبزة. فقال : إني مبتليك ومبتل بك، ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرأه نائمًا ويقظانًا. فابعث جندًا نبعث مثليهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك )، والحديث أطول من هذا.


الصفحة التالية
Icon