وروي عنه أنه في غزوة تبوك كان يقود به حذيفة، ويسوق به عمار، فخرج بضعة عشر رجلًا حتى صعدوا العقبة ركبانًا متلثمين، وكانوا قد أرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لحذيفة :( قد، قد ) ولعمار :( سق، سق ).
فهذا أكثر، لكن ليس في القرآن من هذا شيء. فإن القرآن له شأن اختص به، لا يشبهه كلام البشر - لا كلام نبي، ولا غيره، وإن كان نزل بلغة العرب- فلا يقدر مخلوق أن يأتي بسورة، ولا ببعض سورة مثله.
فليس في القرآن تكرار للفظ بعينه عقب الأول قط. وإنما في / سورة الرحمن خطابه بذلك بعد كل آية، لم يذكر متواليا. وهذا النمط أرفع من الأول.
وكذلك قصص القرآن ليس فيها تكرار، كما ظنه بعضهم.
و ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾، ليس فيها لفظ تكرار إلا قوله :﴿ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾. وهو مع الفصل بينهما بجملة.
وقد شبهوا ما في سورة الرحمن بقول القائل لمن أحسن إليه، وتابع عليه بالأيادي وهو ينكرها ويكفرها : ألم تك فقيرًا فأغنيتك ؟ أفتنكر هذا ؟ ألم تك عريانًا فكسوتك ؟ أفتنكر هذا ؟ ألم تك خاملًا فعرفتك ؟ ونحو ذلك. وهذا أقرب من التكرار المتوالي، كما في اليمين المكررة.
وكذلك ما يقوله بعضهم : إنه قد يعطف الشيء لمجرد تغاير اللفظ، كقوله :
فألفي قولها كذبًا ومينًا


الصفحة التالية
Icon