رواه غير واحد عن أبي إسحاق، وكان تارة يسنده، وتارة يرسله رواه عنه زهير، وإسرائيل مسندًا. ورواه عنه شعبة ولم يذكر عن أبيه وقال :[ عن أبي إسحاق، عن رجل، عن فروة بن نوفل ]، ولم يقل [ عن أبيه ]. قال الترمذي : وحديث زهير أشبه وأصح من حديث شعبة. قال : وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، فرواه عبد الرحمن بن نوفل، عن أبيه، عن النبي ﷺ وعبد الرحمن بن نوفل هو أخو فروة بن نوفل.
قلت : وقد رواه عن أبي إسحاق، إسماعيل بن أبي خالد، قال : جاء رجل من أشجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله، علمني كلامًا أقوله عند منامي. قال :( إنك لنا ظِئْر، اقرأ :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ عند منامك، فإنها براءة من الشرك ).
فقد أمر رسول الله ﷺ واحدًا من المسلمين أن يقرأها، وأخبره أنها براءة من الشرك. فلو كان الخطاب لمن يموت على الشرك، كانت براءة من دين أولئك فقط، لم تكن براءة من الشرك الذي يسلم صاحبه فيما بعد. ومعلوم أن المقصود منها أن تكون براءة من كل شرك ـ اعتقادي وعملي.
وقوله :﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾، خطاب لكل كافر ـ وإن أسلم فيما بعد. فدينه قبل الإسلام له كان، والمؤمنون بريئون منه، وإن غفره الله له بالتوبة منه، كما قال لنبيه :﴿ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [ الشعراء : ٢١٦ ]، فإنه بريء من معاصي أصحابه، وإن تابوا منها. وهذا كقوله :﴿ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [ يونس : ٤١ ].