وقد كان جماعة من قريش من الذين يأمرونه وأصحابه أن يعبدوا غير الله، ويقاتلونهم، ويعادونهم عداوة عظيمة على ذلك، ثم تابوا وأسلموا وقرؤوا هذه السورة.
ومن النقلة من يعين ناسًا غير الذين عينهم غيره. منهم من يذكر أبا جهل وطائفة، ومنهم من يذكر عتبة بن ربيعة وطائفة، ومنهم من / يذكر الوليد بن المغيرة وطائفة. ومنهم من يقول : طلبوا أن يعبدوا الله معه عامًا ويعبد آلهتهم معهم عامًا. ومنهم من يقول : طلبوا أن يستلم آلهتهم.
ومنهم من يقول : طلبوا الاشتراك، كما روي ابن أبي حاتم وغيره عن ابن إسحاق قال : حدثني سعيد بن مِيْنَاء مولى أبي البَخْتَرِي قال : لقي الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، وأمية بن خلف، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا : هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد، ولنشترك نحن وأنت في أمرنا كله. فإن كان الذي جئت به خيرًا مما بأيدينا، كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه. وإن كان الذي بأيدينا خيرًا مما بيدك، كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه. فأنزل الله السورة.
وهذا منقول عن عبيد بن عمير، وفيه أن القائل له عتبة، وأمية.
فهذه الروايات متطابقة على معنى واحد، وهو أنهم طلبوا منه أن يدخل في شيء من دينهم، ويدخلوا في شيء من دينه، ثم إن كانت كلها صحيحة، فقد طلب منه تارة هذا وتارة هذا، وقوم هذا وقوم هذا.
وعلى كل تقدير، فالخطاب للمشركين، كلهم ـ من مضي، ومن يأتي إلى يوم القيامة.
وقد أمره الله بالبراءة من كل معبود سواه. وهذه ملة إبراهيم الخليل، وهو مبعوث بملته. قال الله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ﴾ [ الزخرف : ٢٦، ٢٨ ].


الصفحة التالية
Icon