وقال الخليل أيضًا :﴿ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [ الأنعام : ٧٨، ٧٩ ]، وقال :﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [ الممتحنة : ٤ ].
وقال لنبيه :﴿ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [ يونس : ٤١ ]. فقد أمره الله أن يتبرأ من عمل كل من كذبه، وتبريه هذا يتناول المشركين وأهل الكتاب.
وقد ذكر المَهْدَوي هذا القول، وذكر معه قولين أخرىن. فقال : الألف واللام ترجع إلى معهود وإن كانت للجنس حيث كانت صفة؛ لأن لامها مُخَاطِبة لمن سبق في علم الله أن يموت كافرًا. فهي من الخصوص الذي جاء بلفظ العموم.
وتكرير ما كرر فيها، ليس بتكرير في المعنى، ولا في اللفظ، سوى / موضع واحد منها. فإنه تكرير في اللفظ دون المعنى. بل معنى ﴿ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ : في الحال. ﴿ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾ : في الحال. ﴿ وّلا أّنّا عّابٌدِ مَّا عّبّدتٍَمً ﴾ : في الاستقبال. ﴿ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴾ : في الاستقبال.
قال : فقد اختلف اللفظ، والمعنى في قوله :﴿ لَا أَعْبُدُ ﴾، وما بعده، ﴿ وَلَا أَنَا ﴾. وتكرر ﴿ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾ في اللفظ دون المعنى.