أحدها : أن هذه فى صورة الأحزاب بعد الخندق وتلك فى الأنفال عقب بدر.
الثانى : أن هذا مطلق ومقيد فى حكم واحد وسبب واحد والحكم هنا متضمن للإباحة، والاستحقاق، والتحريم على الغير، وإيجاب الإعطاء.
الثالث : أن آية الأنفال ذكر فيها الأولوية بعد أن قطع الموالات بين المؤمنين والكافرين ـ أيضاً ـ فهى دليل ثان، وهاتان الآيتان تفسر المطلق فى آية المواريث، ويكون هذا تفسير القرآن بالقرآن، وإن كان قوله :( لا يرث الكافر المسلم ) موافقاً له، فأما ميراث المسلم من الكافر ففيه الخلاف الشاذ فنستفيد من الآيتين أيضاً مع الحديث، ويدخل فى الآيتين سائر الولايات، من المناكح والأموال، والعقل، والموت، وفى قوله ﴿ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ﴾ [ الأحزاب : ٦ ]، دليل على الوصية كآيات النساء.
قوله :﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ﴾ الآية [ الأحزاب : ٣٧ ]، دليل على أن ما أبيح له كان مباحاً لأمته؛ لأنه أخبر أن التزويج كان لمنع الحرج عن الأمة فى مثل ذلك التزويج، فلولا أن فعله المباح له يقتضى الإباحة لأمته لم يحسن التعليل وهذا ظاهر.
وأيضاً، فإنه إذا كان ذلك فى تزويجه امرأة الدعى الذي كان يعتقد أن تزوجها حرام، ففى ما لا شبهة فيه أولى.
وأيضاً، إذا كان هذا فى النكاح الذي خص فيه من المباحات بما لم تشركه أمته، كالنكاح بلا عدد وتزوج الموهوبة بلا مهر، وقد بين أن إباحة عقده النكاح دليل على إباحة ذلك لأمته، ففيما لم يظهر خصوصية فيه كالنكاح أولى. وهذا يدل على أن سائر ما أبيح له مباح لأمته، إلا ما خصه الدليل من المعاملات والأطعمة واللباس، ونحو ذلك.