وأيضاً، فإنه يبنى ذلك على أصل دليل الخطاب، وأن التخصيص بالذكر مع العام المقتضى للتعميم يدل على التخصيص بالحكم، فلما خص خطاب الموهوبة بذكر الخلوص دل على انتفاء الخلوص عن الباقى وإنما انتفاء الخلوص عن الباقى بعدم ذكر الخلوص مع إثبات التحليل للرسول صلى الله عليه وسلم، فعلم أن إثبات التحليل له مع عدم تخصيصه به يقتضى العموم.
وعلى هذا، فالخطاب الذي مخرجه فى اللغة خاص ثلاثة أقسام :
إما أن يدل على العموم كما فى العام عرفاً، مثل خطاب الرسول والواحد من الأمة، ومثل تنبيه الخطاب كقوله : لا أشرب لك الماء من عطش. ومثقال حبة وقنطار ودينار.
وإما أن يدل على اختصاص المذكور بالحكم ونفيه عما سواه، كما فى مفهوم المخالفة إذا كان المقتضى للتعميم قائماً وخص أحد الأقسام بالذكر.
وإما ألا يدل على واحد منهما لفظاً ثم يوجد العموم من جهة المعنى، إما من جهة قياس الأولى، وإما من جهة سائر أنواع القياس، / ويجب الفرق بين تنبيه الخطاب وبين قياس الأولى، فإن الحكم فى ذاك مستفاد من اللفظ عمهما عرفاً وخطابا، وهنا مستفاد من الحكم بحيث لو دل على الحكم فعل أو إقرار أو خطاب يقطع معه بأن المتكلم لم يرد إلا الصورة؛ لكان ثبوت الحكم لنوع يقتضى ثبوته لما هو أحق به منه، فالعموم هنا معنوى محض، وهناك لفظى ومعنوى، فتدبر هذا فإنه فصل بين المتنازعين من أصحابنا وغيرهم فى التنبيه هل هو مستفاد من اللفظ أو هو قياس جلى ؟ لتعلم أنه قسمان.
والفرق أن المستفاد من اللفظ يريد المتكلم به العموم. ويمثل بواحد تنبيهاً كقول النحوى : ضرب زيد عمراً، بخلاف المستفاد من المعنى.