قوله :﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [ الأحزاب : ٥ ]، نص في أنه لا حرج فيما أخطأ به من دعاء الرجل إلى غير أبيه، أو إلى غير مولاه.
ثم قد يستدل به على رفع الجناح في جميع ما أخطأ به الإنسان من قول أو عمل : إما بالعموم لفظا، ويقال : ورود اللفظ العام على سبب مقارن له في الخطاب لا يوجب قصره عليه، وإما بالعموم المعنوى بالجامع المشترك من أن الإخطاء لا تأثير له في القلب، فيكون عمل جارحة بلا عمد قلب، والقلب هو الأصل كما قال :( إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد. وإذا كان الأصل لم يعمل شيئا لم يضر عمل الفروع دونه؛ لأنه صالح لا فساد فيه فيكون الجسد كله صالحا فلا يكون فاسداً، فلا يكون في ذلك إثم إذ الإثم لا يكون إلا عن فساد في الجسد، وتكون هذه الآية ردفا لقوله :﴿ لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] قال : قد فعلت.


الصفحة التالية
Icon