ثم قال :﴿ صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ﴾ [ البقرة : ١٣٨، ١٣٩ ].
وفي هذه الآيات معان جليلة ليس هذا موضع استيفائها.
فَصل
وهذا النزاع في قوله :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾، هل هو خطاب لجنس الكفار، كما قاله الأكثرون ؟ أو لمن علم أنه يموت كافرًا، كما قاله بعضهم ؟ يتعلق بمسمى [ الكافر ] ومسمى [ المؤمن ].
فطائفة تقول : هذا إنما يتناول من وافي القيامة بالإيمان. فاسم المؤمن -عندهم- إنما هو لمن مات مؤمنًا. فأما من آمن ثم ارتد فذاك ليس عندهم بإيمان.
وهذا اختيار الأشعري، وطائفة من أصحاب أحمد، وغيرهم. وهكذا يقال : الكافر من مات كافرًا.
وهؤلاء يقولون : إن حب الله وبغضه، ورضاه وسخطه، وولايته وعداوته، إنما يتعلق بالموافاة فقط. فالله يحب من علم أنه يموت مؤمنًا. ويرضى عنه ويواليه بحب قديم وموالاة قديمة. ويقولون : إن عمر حال كفره كان وليًا لله.
وهذا القول معروف عن ابن كُلاب ومن تبعه، كالأشعرى وغيره.
وأكثر الطوائف يخالفونه في هذا، فيقولون : بل قد يكون الرجل عدوًا لله ثم يصير وليًا لله، ويكون الله يبغضه ثم يحبه. وهذ مذهب الفقهاء والعامة. وهو قول المعتزلة، والكرامية، والحنفية قاطبة، وقدماء المالكية، والشافعية، والحنبلية.


الصفحة التالية
Icon