والمقصود أن هذين القولين لا يقدر أحد أن ينقل واحدًا منهما عن أحد من السلف ـ أعني الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وسائر أئمة المسلمين المشهورين بالعلم والدين، الذين لهم في الأمة لسان صدق في زمن أحمد بن حنبل، ولا زمن الشافعي، ولا زمن أبي حنيفة ولا قبلهم ـ وأول من أحدث هذا الأصل هو أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعرف أن الحروف متعاقبة فيمتنع أن تكون قديمة الأعيان، فإن المتأخر/قد سبقه غيره والقديم لا يسبقه غيره، والصوت المعين لا يبقي زمانين، فكيف يكون قديمًا ؟ ! فقال بأن القديم هو المعنى، ثم جعل المعنى واحدا لا يتعدد ولا يتبعض؛ لامتناع اختصاصه بعدد معين، وامتناع معان لا نهاية لها في آن واحد، وجعل القرآن العربي ليس هو كلام الله.


الصفحة التالية
Icon