قال أبو المعإلى الجويني : ومما اختلف أهل الحق في إطلاقه وعدم إطلاقه المحبة والرضا، فصار المتقدمون إلى أنه ـ سبحانه ـ لا يحب الكفر ولا يرضاه، وكذلك كل معصية. وقال شيخنا أبو الحسن : المحبة هي الإرادة نفسها، وكذلك الرضا والاصطفاء، وهو ـ سبحانه ـ يريد الكفر/ويرضاه كفرًا قبيحًا معاقبًا عليه. وهو كما قال أبو المعالي، فإن المتقدمين من جميع أهل السنة على ما دل عليه الكتاب والسنة من أنه ـ سبحانه ـ لا يرضى ما نهى عنه ولا يحبه، وعلى ذلك قدماء أصحاب الأئمة الأربعة ـ أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، كأبي بكر عبد العزيز وغيره من قدمائهم ـ ولكن من المتأخرين من سوى بين الجميع كما قاله أبو الحسن، وهو في الأصل قول لجهم، فهو الذي قال في القدر بالجبر، وبما يخالف أهل السنة، وأنكر رحمه الله ـ تعالى ـ وكان يخرج إلى الجُذمي فيقول : أرحم الراحمين يفعل هذا ؟ ! فنفي أن يكون الله أرحم الراحمين ! وقد قال الصادق المصدوق :( لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها ). وهذه مسائل عظيمة ليس هذا موضع بسطها.
وإنما المقصود هنا التنبيه على الجمل، فإن كثيرًا من الناس يقرأ كتبًا مصنفة في أصول الدين وأصول الفقه، بل في تفسير القرآن والحديث، ولا يجد فيها القول الموافق للكتاب والسنة الذي عليه سلف الأمة وأئمتها، وهو الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول، بل يجد أقوالا كل منها فيه نوع من الفساد والتناقض، فيحار : ما الذي يؤمن به في هذا الباب ؟ وما الذي جاء به الرسول ؟ وما هو الحق والصدق ؟ إذ لم يجد في تلك الأقوال ما يحصل به ذلك. وإنما الهدي فيما جاء به الرسول الذي قال الله فيه ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إلى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ ﴾ [ الشورى ٥٢ : ٥٣ ].


الصفحة التالية
Icon