فصل
وإذا علم ما دل عليه الشرع مع العقل واتفاق السلف من أن بعض القرآن أفضل من بعض، وكذلك بعض صفاته أفضل من بعض ـ بقي الكلام في كون ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ تعدل ثلث القرآن، ما وجه ذلك ؟ وهل ثوابها بقدر ثواب ثلث القرآن ؟ وإذا قدر أن الأمر كذلك فما وجه قراءة سائر القرآن ؟ فيقال : أما الأول فقد قيل فيه وجوه أحسنها ـ والله أعلم : الجواب المنقول عن الإمام أبي العباس بن سريج، فعن أبي الوليد القرشي؛ أنه سأل العباس بن سريج عن معنى قول النبي ﷺ :( قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن )، فقال : معناه أنزل القرآن على ثلاثة أقسام : ثلث منها الأحكام، وثلث منها وعد ووعيد، وثلث منها الأسماء والصفات، وهذه السورة جمعت الأسماء والصفات.
وقد ذكر أبو الفرج ابن الجوزي في هذا الحديث ثلاثة أوجه : بدأ بهذا الوجه، فروي قول ابن سريج ـ هذا ـ بإسناده عن زاهد، عن الصابوني والبيهقي، عن الحاكم ـ أبي عبد الله الحافظ ـ قال : سمعت أبا الوليد/ ـ حسان بن محمد ـ الفقيه يقول : سألت أبا العباس ابن سريج قلت : ما معنى قول النبي ﷺ :( قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن )، قال : إن القرآن أنزل على ثلاثة أقسام : فثلث أحكام، وثلث وعد ووعيد، وثلث أسماء وصفات. وقد جمع في ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ أحد الأثلاث وهو الصفات، فقيل : إنها تعدل ثلث القرآن.
الوجه الثاني ـ من الوجوه الثلاثة التي ذكرها أبو الفرج ابن الجوزي : أن معرفة الله هي معرفة ذاته، ومعرفة أسمائه وصفاته، ومعرفة أفعاله، فهذه السورة تشتمل على معرفة ذاته؛ إذ لايوجد شيء إلا وجد من شيء ما خلا الله، فإنه ليس له كفء ولا له مثل. قال أبو الفرج : ذكره بعض فقهاء السلف.