قال : والوجه الثالث : أن المعنى : من عمل ما تضمنته من الإقرار بالتوحيد والإذعان للخالق، كان كمن قرأ ثلث القرآن ولميعمل بما تضمنته، ذكره ابن عقيل. قال ابن عقيل : ولايجوز أن يكون المعنى : من قرأها فله أجر ثلث القرآن؛ لقول رسول الله ﷺ :( من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات ).
قلت : كلا الوجهين ضعيف.
أما الأول؛ فيدل على ضعفه وجوه : الأول : أن نقول : القرآن ليس/كله هو المعرفة المذكورة، بل فيه أمر بالأعمال الواجبة ونهي عن المحرمات، والمطلوب من العباد المعرفة الواجبة والعمل الواجب، والأمة كلها متفقة على وجوب الأعمال التي فرضها الله، لميقل أحد بأنها ليست من الواجبات، وإن كان طائفة من الناس نازعوا في كون الأعمال من الإيمان، فلمينازعوا في أن الله فرض الصلوات الخمس وغيرها من شرائع الإسلام، وحرم الفواحش ﴿ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [ الأعراف : ٣٣ ]، وإذا كان كذلك، وقدر أن سورة من السور تضمنت ثلث المعرفة، لم يكن هذا ثلث القرآن.


الصفحة التالية
Icon