والمقصود هنا الكلام على معنى كون :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، تعدل ثلث القرآن، وبيان أن الصواب القول الأول.
الوجه الثالث الذي يدل على فساد القول الثاني أن يقال : قول القائل :[ معرفة أفعاله ]، إن أراد بذلك معرفة آياته الدالة عليه، فهذه من تمام معرفته، ويبقي معرفة وعده ووعيده، وقصص الأمم المؤمنة والكافرة لميذكره، وهو القسم الثاني من أقسام معاني القرآن، كما لميذكر أمره ونهيه. وإن جعل هذه من مفعولاته، فمعلوم أن معرفة الوعد والوعيد والقصص المطلوب فيها الإيمان باليوم الآخر وجزاء الأعمال، /كما أن المطلوب بالأمر والنهي طاعته، فإنه لابد من الإيمان باللّه واليوم الآخر، ومن العمل الصالح لكل أمة كما قال تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عليهمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [ البقرة : ٦٢ ].
الوجه الرابع : أن يقال : ما ذكره من نفي المثل عنه ومن نفي الولادة مذكور في غير هذه السورة، فلم يختص بهذا المعنى.
الوجه الخامس : أن يقال : هب أنها تضمنت التنزيه ـ كما ذكره اللّه ـ فمعرفة اللّه ليست بمعرفة صفات السلب، بل الأصل فيها صفات الإثبات، والسلب تابع ومقصوده تكميل الإثبات ـ كما أشرنا إليه ـ من أن كل تنزيه مدح به الرب ففيه إثبات؛ ولهذا كان قول :[ سبحان اللّه ] متضمنا تنزيه الرب وتعظيمه، ففيها تنزيهه من العيوب والنقائص، وفيها تعظيمه ـ سبحانه وتعالى ـ كما قد بسط الكلام على ذلك في مواضع.


الصفحة التالية
Icon