وأبو حامد إنما ذكر هذا؛ لأنه يقول : إنما يعرف معاني ذلك بطريق التصفية فقط، لا بطريق الخبر النبوي، ولا بطريق النظر الاستدلالي، /فلا يعرف ذلك بالسمع ولا بالعقل. وهذا مما أنكره عليه الناس وصنفوا كتبًا في رد ذلك ـ كما فعل جماعات من العلماء ـ ولكن عذر أبي حامد أنه لميجد فيما علمه من طريق الفلاسفة وأهل الكلام مايبين الحق في ذلك، ولم يعلم طرقًا عقلية غير ذلك، فنفي أن يعلم بطريق النظر فيه. وأما الطرق الخبرية النبوية، فلميكن له خبرة بما صح من ألفاظ الرسول، وبطريق دلالة ألفاظه على مقاصده، وظن ـ بما شارك به بعض أهل الكلام والفلسفة ـ أن الرسول لميبين مراده بألفاظه، فتركب من هذا وهذا سد باب الطريق العقلي والسمعي، وظن أن المطلوب يحصل له بطريق التصفية والعمل، فسلك ذلك، فلم يحصل له المقصود أيضًا، فرجع في آخر عمره إلى قراءة البخاري ومسلم.