وأما قول من قال : إن هذا في شخص بعينه، ففي غاية الفساد لفظًا ومعنى، ثم إن اللّه إنما يخص الشيء المعين بحكم يخصه لمعنى يختص به كما قال لأبي بُرْدَة بن نِيارٍـ وكان قد ذبح في العيد قبل الصلاة ـ قبل أن يشرع لهم النبي ﷺ أن الذبح يكون بعد الصلاة، فلما قال النبي ﷺ :( أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نذبح، فمن ذبح قبل الصلاة فليعد، فإنما هي شاة لحم قدمها لأهله ) ذكر له أبو بردة أنه ذبح قبل الصلاة، ولم يكن يعرف أن ذلك لايجوز، وذكر له أن عنده عناقًا خيرًا من جذعة فقال :( تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك )، فخصه بهذا الحكم؛ لأنه كان معذورًا في ذبحه قبل الصلاة، إذ فعل ذلك قبل شرع الحكم، /فلميكن ذلك الذبح منهيًا عنه بعد، مع أنه لميكن عنده إلا هذا السن. وأما أمره لامرأة أبي حذيفة بن عتبة أن ترضع سالمًا مولاه خمس رضعات ليصير لها محرمًا، فهذا مما تنازع فيه السلف : هل هو مختص، أو مشترك، وإذا قيل : هذا لمن يحتاج إلى ذلك ـ كما احتاجت هي إليه ـ كان في ذلك جمع بين الأدلة.


الصفحة التالية
Icon