والثواب أجناس مختلفة، كما أن الأموال أجناس مختلفة من مطعوم ومشروب وملبوس ومسكون ونقد وغير ذلك. وإذا ملك الرجل من أحد أجناس المال مايعدل ألف دينار ـ مثلا ـ لميلزم من ذلك أن يستغني عن سائر أجناس المال، بل إذا كان عنده مال وهو طعام، فهو محتاج إلى لباس ومسكن وغير ذلك. وكذلك إن كان من جنس غير النقد، فهو محتاج إلى غيره، وإن لم يكن معه إلا النقد، فهو محتاج إلى جميع الأنواع التي يحتاج إلى أنواعها ومنافعها. والفاتحة فيها من المنافع ثناء ودعاء ممايحتاج الناس إليه ما لا تقوم ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ مقامه في ذلك، وإن كان أجرها عظيمًا، فذلك الأجر العظيم إنماينتفع به صاحبه مع أجر فاتحة الكتاب؛ ولهذا لو صلى بها وحدها بدون الفاتحة، لم تصح صلاته، ولو قدر أنه قرأ القرآن كله إلا الفاتحة لم تصح صلاته؛ لأن معاني الفاتحة فيها الحوائج الأصلية التي لابد للعباد منها. وقد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع، وبين أن ما في الفاتحة من الثناء/والدعاء وهو قول :﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عليهمْ غَيرِ المَغضُوبِ عليهمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [ الفاتحة : ٦ : ٧ ]، هو أفضل دعاء دعا به العبد ربه، وهو أوجب دعاء دعا به العبد ربه، وأنفع دعاء دعا به العبد ربه، فإنه يجمع مصالح الدين والدنيا والآخرة، والعبد دائما محتاج إليه لايقوم غيره مقامه، فلو حصل له أجر تسعة أعشار القرآن ـ دع ثلثه ـ ولم يحصل له مقصود هذا الدعاء، لم يقم مقامه ولم يسد مسده.