وقد بينا أن أحسن الوجوه أن معاني القرآن ثلاثة أنواع : توحيد، وقصص، وأحكام. وهذه السورة ـ صفة الرحمن ـ فيها التوحيد وحده؛ وذلك لأن القرآن كلام اللّه. والكلام نوعان : إما إنشاء، وإما إخبار، والإخبار إما خبر عن الخالق، وإما خبر عن المخلوق. فالإنشاء هو الأحكام كالأمر والنهي. والخبر عن المخلوق هو القصص. والخبر عن الخالق هو ذكر أسمائه وصفاته. وليس في القرآن سورة هي وصف الرحمن محضًا إلا هذه السورة. وفي الصحيحين عن عائشة ـ رضي اللّه تعالى عنها : أن رسول اللّه ﷺ بعث رجلًا على سرية، /فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فقال :( سلوه : لأي شيء يصنع ذلك ) فسألوه، فقال : لأنها صفة الرحمن، فأنا أحب أن أقرأ بها. فقال رسول الله ﷺ :( أخبروه أن الله يحبه ).


الصفحة التالية
Icon