فإذا قرأ الإنسان :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ حصل له ثواب بقدر ثواب ثلث القرآن، لكن لا يجب أن يكون الثواب من جنس الثواب الحاصل ببقية القرآن، بل قد يحتاج إلى جنس الثواب الحاصل بالأمر والنهي والقصص، فلا تسد ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، مسد ذلك، ولا تقوم مقامه، فلهذا لو لم يقرأ :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، فإنه وإن حصل له أجر عظيم، لكن جنس الأجر الذي يحصل بقراءة غيرها لا يحصل له بقراءتها، بل يبقي فقيرًا محتاجًا إلى ما يتم به إيمانه من معرفة الأمر والنهي والوعد والوعيد ولو قام بالواجب عليه. فالمعارف التي تحصل بقراءة سائر القرآن لا تحصل بمجرد قراءة هذه السورة، فيكون من قرأ القرآن كله أفضل ممن قرأها ثلاث مرات من هذه الجهة لتنوع الثواب، وإن كان قارئ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، ثلاثًا يحصل له ثواب بقدر ذلك الثواب، لكنه جنس واحد ليس فيه الأنواع التي يحتاج إليها العبد، كمن معه ثلاثة آلاف دينار وآخر معه طعام ولباس ومساكن ونقد يعدل ثلاثة آلاف دينار، فإن هذا معه ما ينتفع به في جميع أموره، وذاك محتاج إلى ما مع هذا، وإن كان ما معه يعدل ما مع هذا، وكذلك لو كان معه/طعام من أشرف الطعام يساوي ثلاثة آلاف دينار، فإنه محتاج إلى لباس ومساكن، وما يدفع به الضرر من السلاح والأدوية وغير ذلك مما لا يحصل بمجرد الطعام.
ومما ينبغي أن يعلم : أن فضل القراءة والذكر والدعاء والصلاة وغير ذلك قد يختلف باختلاف حال الرجل، فالقراءة بتدبر أفضل من القراءة بلا تدبر، والصلاة بخشوع وحضور قلب أفضل من الصلاة بدون ذلك. وفي الأثر :( إن الرجلين ليكون مقامهما في الصف واحدًا وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض ). وكان بعض الشيوخ يرقي بـ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، وكان لها بركة عظيمة، فيرقي بها غيره فلا يحصل ذلك فيقول : ليس ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ من كل أحد تنفع كل أحد.