فإنه إن قال : خلق السموات مماثل خلق البعوضة؛ كان هذا مكابرة للعقل والشرع، قال تعالى :﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ [ غافر : ٥٧ ]، وإن قال : بل ذلك أعظم وأكبر كما في القرآن، قيل له : ليس عندك أمران وجوديان يفضل أحدهما الآخر، إذ الخلق على قولك لا يزيد على المخلوق فلم يبق إلا العدم المحض، فكيف يعقل في المعدومين من كل وجه أن يكون أحدهما أفضل من صاحبه إذا لم يكن هناك وجود يحصل فيه التفاضل ؟ ! وكذلك إذا قيل : نفي الجهل والعجز عن بعض الأشياء مثل نفي ذلك عن بعض الأشياء كان هذا مكابرة، وإن قال : بل نفي الجهل العام أكمل من نفي الجهل الخاص، قيل له : إذا /لم يلزم من نفي الجهل ثبوت علم بشيء من الأشياء، بل كان النفيان عدمين محضين فكيف يعقل التفاضل في الشيء الواحد من كل وجه ؟ فإنه لا يعقل في العدم المحض والنفي الصرف، فإن ذلك ليس بشيء أصلًا، ولا حقيقة له في الوجود ولا فيه كمال ولا مدح، وإنما يكون التفاضل بصفات الكمال، والكمال لابد أن يكون وجودًا قائمًا بنفسه أو صفة موجودة قائمة بغيرها، فأما العدم المحض فلا كمال فيه أصلًا.