فنفي العيوب والنقائص يستلزم ثبوت الكمال، ونفي الشركاء يقتضي الوحدانية، وهو من تمام الكمال، فإن ما له نظير قد انقسمت صفات الكمال وأفعال الكمال فيه وفي نظيره، فحصل له بعض صفات الكمال لا كلها. فالمنفرد بجميع صفات الكمال أكمل ممن له شريك يقاسمه إياها؛ ولهذا كان أهل التوحيد والإخلاص أكمل حبًا لله من المشركين الذين يحبون غيره، الذين اتخذوا من دونه أندادًا يحبونهم كحبه. قال/تعالى :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ ﴾ [ البقرة : ١٦٥ ]، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع، قد بين فيه أن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله ـ تعالى.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال : قلت يارسول الله، أي الذنب أعظم ؟ قال :( أن تجعل لله نِدّا وهو خلقك ). قلت : ثم أي ؟ قال :( أن تقتل ولدك خشية أن يطْعَم معك ). قلت : ثم أي ؟ قال :( أن تزاني بحليلة جارك ). وأنزل الله تعالى تصديق ذلك :﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ الآية [ الفرقان : ٦٨ ]، فمن جعل لله ندًا يحبه كحب الله، فهو ممن دعا مع الله إلهًا آخر، وهذا من الشرك الأكبر.


الصفحة التالية
Icon