وأيضًا، فهذه الأمور أعيان قائمة بأنفسها، فإذا أضيفت إلى الله علم أنها إضافة ملك لا إضافة وصف، بخلاف العبارة، فإنها لا تقوم بنفسها كما لا يقوم المعنى بنفسه، وهذا هو الأصل الفارق بين إضافة الصفات وإضافة المخلوقات، فإن المعطلة النفاة من الصابئة والفلاسفة والمعتزلة وغيرهم من الجهمية ومن اتبعهم ـ كابن عقيل وابن الجوزي وغيرهما في بعض مصنفاتهما ـ وإن كانا في موضع آخر يقولان بخلاف ذلك ـ يقولون : ليس في النصوص إلا إضافة هذه الأمور إلى الله، وهذه الأمور تسمى نصوص الإضافات لا نصوص الصفات. ويقولون : نصوص الإضافات وأحاديث الإضافات، لا آيات الصفات وأحاديث الصفات. والإضافة تكون إضافة مخلوق، لاختصاصه ببعض الوجوه كإضافة البيت والناقة والروح في قوله :﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ ﴾ [ الحج : ٢٦ ]، وقوله :﴿ نَاقَةُ اللّهِ ﴾ [ الأعراف : ٧٣ ]، وقوله :﴿ فَأَرْسَلْنَا إليها رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سويا ﴾ [ مريم : ١٧ ].
وقالت الحلولية من النصارى، وغلاة الشيعة، والصوفية ومن اتبعهم ممن يقول بقدم الروح ـ أرواح العباد ـ وينتسب إلى أئمة المسلمين كالشافعي وأحمد وغيرهما مثل طائفة من أهل جِيلان وغيرهم ـ بل إضافة الروح إلى الله كإضافة الكلام والقدرة، والكلام والقدرة صفاته فكذلك الروح. وقالوا في قوله :﴿ فَإِذَا سويتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ﴾ [ الحجر : ٢٩ ]، دليل على أن روح العبد صفة لله قديمة. وقالت النصارى :/عيسي كلمة الله، وكلام الله غير مخلوق، فعيسي غير مخلوق. وقالت الصابئة والجهمية : عيسي كلمة الله وهو مخلوق، والقرآن كلام الله فهو ـ أيضًا ـ مخلوق.


الصفحة التالية
Icon